محظورات الإحرام
للإحرام بعض المحظورات التي هي في الأصل مباحة، إلا أنه لا ينبغي على الشخص المحرم فعلها، وهذه المحظورات تنقسم من حيث جملتها إلى ما يشترك فيه الرجال والنساء، ومنها ما يتعلق بالرجال دون النساء، ومنها ما يتعلق بالنساء دون الرجال على النحو التالي:
محظورات مشتركة بين الرجال والنساء
توجد بعض المحظورات التي يستوى فيها الرجال والنساء على الصعيد الواحد، ذلك أن الأحكام الشرعية في الأصل يتساوى فيها الذكر والأنثى، ومن هذه المحظورات:
الفسق والجدال
الفسق معناه ارتكاب المعاصي والخروج عن طاعة الله تعالى، وإذا كان الفسق محظور في الحالات العادية، فهو بالتأكيد أشد حرمة وإثمًا حال الإحرام والعمرة، أما الجدال فهو مأخوذ من المخاصمة وكثرة الكلام، بمعنى أن يجادل المسلم أخوه المسلم، أو أن يسيء إليه بالكلام أو الفعل.
لقوله تعالى (وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِ).
أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يدخل في ذلك الحكم.
مس الطيب
يحرم على المحرم استعمال الطيب، كالزعفران والعود والمسك والكافور لكلا الجنسين من غير اختلاف بين الفقهاء على ذلك، فيحرم على المعتمر أن يمس الطيب شعره أو جسمه أو حتى ملبسه، لقول النبي في الرجل الذي مات مُحرماً: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، ولَا تُحَنِّطُوهُ، فإنَّ اللَّهَ يَبْعَثهُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا).
تقليم الأظافر وإزالة شعر الرأس
كذلك يحرم على المحرم ذكر كان أو أنثي أن يقوم بتقليم أظافره، أو أن يزيل بعض شعر رأسه أو كله، كذلك الحكم لسائر شعر البدن، وذلك لما ورد في قوله تعالى:
(وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).
ولعل الحكمة في ذلك أن هذا الفعل يعد من الرفاهية التي لا تتناسب مع مظهر الإحرام والاعتمار.
أما من كسر له ظافر فاضطر إلى إزالته، أو من تأذى بشعره بسبب من الأسباب، جاز له إزالتهما بإجماع الفقهاء دون كفارة في ذلك، وذلك لما جاء في قوله:
(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
صيد البر
من الأمور المحظور فعلها حال الإحرام هي قتل صيد البر أو الإعانة على هذا الأمر أو حتى طعامه لقوله تعالى:
(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا).
أما عن صيد البحر فيجوز صيده وأكله والإعانة على الحصول عليه أيضًا، لقوله:
(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ).
ويستثنى من هذا الحكم الهوام والحشرات، والحيوان المؤذي بطبعه كالنمر والأسد بالإضافة إلى الحيوانات الخمس المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ ليسَ علَى المُحْرِمِ في قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ العَقُورُ).
عقد النكاح والجماع
يعد عقد النكاح وما يعقبه من جماع ودواعيه من الأمور المحظورة أثناء الإحرام، فلا يجوز للشخص المحرم أن يعقد لنفسه أو يعقد لغيره.
لقوله صلى الله عليه وسلم (إنَّ المُحرمَ لا يَنْكِحُ ولا يُنْكِح).
وكذلك الحال بالنسبة للجماع:
لقوله تعالى: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِ).
قطع شجر الحرم وحشيشه
ويعد قطع شجر الحرم أو حشيشه من الأمور المحظورة على المحرم وغيره، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن البلد الحرام:
(فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا، ولَا يُخْتَلَى خَلَاهُ فَقالَ العَبَّاسُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إلَّا الإذْخِرَ فإنَّه لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ، قالَ: إلَّا الإذْخِرَ).
المحظورات الخاصة بالرجال
يوجد بعض المحظورات الخاصة بالرجال، لأنها لا تتناسب مع طبيعتهم، وكذلك لا تتماشى مع الإحرام ومنها:
لبس المخيط
ويطلق لفظ المخيط على كل شيء فصل بغرض ستر البدن، سواء كان ساترًا لكل البدن أو بعضه، وسواء كان بخياطة أم بغير خياطة، وذلك يشمل القميص والعمامة والحذاء والسراويل، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم صفة لباس المحرم بقوله:
(لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ).
تغطية الرأس
ومن الأمور المحظور فعلها على الرجال دون النساء في الإحرام، هي تغطية الرأس سواء كان كله أو بعضه، أما إذا كان الجو شديد الحرارة أو شديد البرودة وأراد المعتمر أو الحاج أن يستظل بشيء ما، فلا حرج عليه في ذلك بالاتفاق، بشرط أن لا يلامس هذا الشيء رأسه أو شعره.
المحظورات الخاصة بالنساء
من المعروف أن لملابس النساء طبيعة خاصة عن ملابس الرجال، إذ أن الأصل في الملابس هو تحقيق الستر، والستر في حق النساء أبلغ وأهم من الرجال، وعلى ذلك فإن هناك بعض المحظورات الخاصة بالنساء أثناء الاعتمار وهي:
النقاب والقفازين
يحظر على المرأة المحرمة بالحج أو العمرة أن ترتدي القفازين أو النقاب:
لقوله صلى الله عليه وسلم (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ).
لكن يفضل أن تضع على وجهها ما يشبه الاسدال أو الغطاء يسترها عن الناس ولا بأس إذا لامس هذا الشيء وجهها، وذلك لقول
أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُحْرِماتٌ فإذا حاذُوا بنا أَسدَلَتْ إحدانا جِلْبابَها من رأسِها على وجهِها).