0 معجب 0 شخص غير معجب
192 مشاهدات
في تصنيف فتاوي بواسطة (177ألف نقاط)

تقول السائلة: أنها عندما بلغت سن الإحالة للمعاش وصرفت مكافأة نهاية الخدمة أودعتها في صندوق توفير البريد، فهل فائدة توفير البريد حلال أم حرام؟

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

حكم وضع الأموال في دفاتر التوفير؟

  • بالنسبة لفائدة صندوق توفير البريد فنفيد بالآتي: فإن دفتر توفير البريد والتعامل مع البنوك من الأمور المستحدثة التي لم تكن موجودة في عصر التشريع الأول ولا في عصر الصحابة والتابعين، ولم يرد بشأنها نص بالإباحة أو الحرمة بل كانت خاضعة لاجتهادات فقهاء الشريعة الإسلامية.

    ولذا اختلفت كلمتهم في هذه النشاطات الإنسانية ما بين محلل ومحرم كل حسب نظره في النصوص الفقهية واجتهاده، والذي يقتضيه النظر الدقيق في قواعد الشريعة الإسلامية وروحها هو أن الشريعة الإسلامية مبنية على رعاية مصالح الناس وحاجاتهم، فلا بد لهذا النشاط المستحدث من أحكام وقواعد تتفق وشريعة الإسلام السمحة الداعية إلى الانطلاق إلى آفاق أرحب وأوسع، ومن هذا المنطلق فإن التعامل مع البنوك إن كان المتعامل مع البنك يقصد بذلك التعامل القرض أو الوديعة أو الدين فإنه لا يصح له أن يدفع إلى البنك أكثر من المبلغ الذي أعطاه، وعلى البنك أن يرد القرض أو الدين بلا زيادة على المبلغ المدفوع، وترد هذه الأشياء بذاتها أو قيمتها إن كانت قيمية أو مثلها إن كانت مثلية، وذلك لأن الزيادة على المبلغ المدفوع تكون من باب الربا المحرم شرعًا، مع مراعاة أن النقود أصبحت قيمية وليست مثلية.

    أما إذا كان المتعامل مع البنك يقصد أن يكون البنك وكيلا عنه وكالة مطلقة، ورضي بما حدده له البنك، وكان يقصد بهذا التعامل أن يستثمر له البنك هذه الأموال فيما أحله الله مع تحديد الربح مقدما زمنا ومقدارا، فقد اختلف فيه الفقهاء، فتحديد الربح مقدما منعه بعض الفقهاء وقالوا: إنه حرام وغير جائز شرعًا، ويرى البعض الآخر أنه حلال وجائز شرعا؛ لأن التعامل بقصد الاستثمار في الأموال -كما في شهادات الاستثمار وما يشبهها- لا يخضع لأي نوع من أنواع العقود المسماة التي ورد في شأنها التحريم، وهي معاملة نافعة للأفراد والمجتمع، وليس فيها استغلال أو غش أو خداع أو ظلم من أحد طرفي التعامل للآخر، أو هي من قبيل المضاربة الشرعية، ولا يمنع من كونها مضاربة تحديد الربح مقدما؛ لأنه من باب الوعد لتحقيق هذا المسمى عند التعاقد اعتمادا على الغالب في مثل هذه المعاملات من تحقيق الربح في المعاملات التي تحققت قبل هذا العقد، والوعد ملزم عند بعض الفقهاء، كما هو مذهب المالكية ومن وافقهم لقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾[الإسراء: 34]، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾[المائدة: 1]، ولأن هذا التحديد لم يرد ما يمنعه من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحيث إنه من باب الوعد بالوفاء، وبما اتفق عليه عند تحققه بالفعل في نهاية العام، بل إن هذا التحديد قد يكون مطلوبا لرفع النزاع بين الناس في معاملاتهم التجارية التي يحدث فيها الخلاف غالبا، ولكي يعرف كل إنسان حقه.

    والمضاربات -كما يقول بعض الفقهاء- تكون حسب اتفاق الشركاء، ولو لم يكن لصاحب المال نصيب معين من الربح الذي تحقق بالفعل لظلمه شريكه لقلة الوازع الديني في هذا الزمن غالبا، وما دام هذا الاتفاق لا يخالف نصا من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا مانع منه شرعًا.

    ودار الإفتاء المصرية تختار الرأي الثاني وترى أن الأخذ به أولى لرعاية مصالح الناس في هذا العصر والمحافظة على أموالهم وحقوقهم، وقد ضمن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الصناع في عهده مع أن الأصل عدم تضمينهم؛ لأن الصانع أمين والأمين غير ضامن، وهذا الأصل هو الذي كان مطبقا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر وعثمان، ثم ضمنهم علي كرم الله وجهه بعد أن كانوا غير ضامنين، وبعد أن كانوا مطالبين بأداء اليمين فقط عند الادعاء عليهم بالسلع وإنكارهم لها أو ادعائهم بأنهم قد أدوها لأصحابها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر»، فضمن علي الصناع في عهده على خلاف الأصل، والذي كان مطبقا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وذلك لأن عليا نظر في تغير ظروف العصر وما رآه من ضعف ذمم غالبية الصناع من الناس وضياع الأموال على أصحابها، ولتحقيق العدالة بين الناس في معاملاتهم وفي كل شؤون حياتهم والمحافظة على أموالهم، وتغير الحكم لتغير الواقعة والعلة، لذلك ضمن علي الصناع في عهده.

    وفي واقعة السؤال فإن ما ينطبق على فوائد البنوك وما اختارته دار الإفتاء بالنسبة لها ينطبق على فوائد دفاتر توفير البريد، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالطلب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.

    والله سبحانه وتعالى أعلم
    المبادئ:-
    1- فوائد توفير البريد حلال وجائزة شرعًا.

اسئلة متعلقة

...