1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

حكم التأمين على الحياة

  • سبق لدار الإفتاء المصرية أن أجابت عن ذلك في فتواها رقم 520 بتاريخ 20 محرم سنة 1417 هـ الموافق 27 مايو 1997 كما يأتي: لما كان التأمين بأنواعه المختلفة من المعاملات المستحدثة التي لم يرد بشأنها نص شرعي بالحل أو بالحرمة -شأنه في ذلك شأن معاملات البنوك- فقد خضع التعامل به لاجتهادات العلماء وأبحاثهم المستنبطة من بعض النصوص في عمومها كقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[٢]﴾ [المائدة: 2].

  • وكقوله -صلى الله عليه وآله سلم-: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى». رواه البخاري. إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في هذا الباب.

  • والتأمين على ثلاثة أنواع: الأول: التأمين التبادلي: وتقوم به مجموعة من الأفراد أو الجمعيات لتعويض الأضرار التي تلحق بعضهم.

  • الثاني: التأمين الاجتماعي: وهو تأمين من يعتمدون في حياتهم على كسب عملهم من الأخطار التي يتعرضون لها، ويقوم على أساس فكرة التكافل الاجتماعي، وتقوم به الدولة.

  • الثالث: التأمين التجاري: وتقوم به شركات مساهمة تنشأ لهذا الغرض.

  • والنوع الأول والثاني يكاد أن يكون الإجماع منعقدا على أنهما موافقان لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ لكونهما تبرعا في الأصل وتعاونا على البر والتقوى، وتحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون بين المسلمين دون قصد للربح، ولا تفسدهما الجهالة ولا الغرر، ولا تعتبر زيادة مبلغ التأمين فيهما عن الاشتراكات المدفوعة ربا؛ لأن هذه الأقساط ليست في مقابل الأجل، وإنما هي تبرع لتعويض أضرار الخطر.

  • أما النوع الثالث وهو التأمين التجاري -ومنه التأمين على الأشخاص- فقد اشتد الخلاف حوله واحتد: فبينما يرى فريق من العلماء أن هذا النوع من التعامل حرام لما يكتنفه من الغرر المنهي عنه، ولما قد يتضمنه من القمار والمراهنة والربا، يرى فريق آخر أن التأمين التجاري جائز وليس فيه ما يخالف الشريعة الإسلامية؛ لأنه قائم أساسا على التكافل الاجتماعي والتعاون على البر، وأنه تبرع في الأصل ولا يشتمل على معاوضة.

  • واستدل هؤلاء الأخيرون على ما ذهبوا إليه بعموم النصوص في الكتاب والسنة وبأدلة المعقول: أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].

  • فقالوا: إن لفظ العقود عام يشمل كل العقود ومنها التأمين وغيره، ولو كان هذا العقد محظورا لبينه الرسول -صلى الله عليه وآله سلم-، وحيث لم يبينه الرسول -صلى الله عليه آله وسلم- فإن العموم يكون مرادا، ويدخل عقد التأمين تحت هذا العموم.

  • وأما السنة فقد روي عن عمرو بن يثربي قال: شهدت خطبة النبي -صلى الله عليه آله وسلم- بمنى، وكان فيما خطب: «لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه».

  • فقد جعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- طريق حل المال أن تسمح به نفس باذله من خلال التراضي، والتأمين يتراضى فيه الطرفان على أخذ مال بطريق مخصوص، فيكون حلالا.

  • ومن المعقول أن التأمين -وهو تبرع من المؤمن؛ حيث يتبرع بالقسط المدفوع، وتبرع من جهة أخرى من الشركة؛ حيث تتبرع بقيمة التأمين، وذلك على سبيل توزيع المخاطر والتعاون على حمل المبتلى- لا يشتمل على منهي شرعًا.

  • كما استدلوا أيضًا بالعرف، فقد جرى العرف على التعامل بهذا النوع من العقود، والعرف مصدر من مصادر التشريع كما هو معلوم، وكذا المصلحة المرسلة، كما أن بين التأمين التجاري والتأمين التبادلي والاجتماعي المجمع على حلهما وموافقتهما لمبادئ الشريعة وجوه شبه كثيرة، مما يسحب حكمهما عليه، فيكون حلالا.

  • وعقد التأمين على الحياة -أحد أنواع التأمين التجاري- ليس من عقود الغرر المحرمة؛ لأنه عقد تبرع وليس عقد معاوضة فيفسده الغرر؛ لأن الغرر فيه لا يفضي إلى نزاع بين أطرافه؛ لكثرة تعامل الناس به وشيوعه فيهم وانتشاره في كل مجالات نشاطهم الاقتصادي، فما ألفه الناس ورضوا به دون ترتب نزاع حوله يكون غير منهي عنه.

  • ومن المقرر شرعًا أن عقود التبرعات يتهاون فيها عن الغرر الكثير بخلاف عقود المعاوضات، فإنه لا يقبل فيها إلا الغرر اليسير.

  • الفروق للقرافي طبعة دار إحياء الكتب العربية سنة 1344هـ جـ1 صـ151، حاشية ابن عابدين جـ5 صـ416: 429، والقواعد الفقهية لابن رجب -القاعدة الخامسة بعد المائة-، الموسوعة الفقهية حرف غ مادة غرر جـ31 صـ160.

  • هذا على أن الغرر يتصور حينما يكون العقد فرديا بين الشخص والشركة، أما وقد أصبح التأمين في جميع المجالات الاقتصادية وأصبحت الشركات هي التي تقوم بالتأمين الجماعي لمن يعملون لديها، وصار كل إنسان يعرف مقدما مقدار ما سيدفعه وما سيحصل عليه -فهنا لا يتصور وجود الغرر الفاحش المنهي عنه، كما لا يوجد في عقد التأمين التجاري شبهة القمار؛ لأن المقامرة تقوم على الحظ في حين أن التأمين يقوم على أسس منضبطة وعلى حسابات مدروسة ومحسوبة من ناحية، وعلى عقد مبرم من ناحية أخرى.

اسئلة متعلقة

...