0 معجب 0 شخص غير معجب
111 مشاهدات
في تصنيف فتاوي بواسطة (177ألف نقاط)

ما قولكم في قوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: 19][1].

أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لنفسه ولأمته مع أنه مغفور له: أم ذلك ليستنوا به ويقتدوا به؟

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

ما صحة استغفار الرسول لذنبه؟

  • استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لذنبه فللعلماء فيه أقوال: منها ما ذكر السائل، وسبب الإشكال الذي أثار ذلك أن الأنبياء معصومون من المعاصي، وهي قاعدة قطعية يجب تأويل ما عارضها، وظنوا أن منها أمر الله لخاتم رسله صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لذنبه وليس منها في الحقيقة، فإن الذنب أعم من المعصية كما حققناه في مواضع من التفسير وغيره، فهو عبارة عما تكون له تبعة أو عاقبة تستوخم أو تضر أو تنافي المصلحة، وقال المحقق الراغب في مفردات القرآن: والذنب في الأصل الأخذ بِذَنَبِ (بالتحريك) الشيء.

  • يقال: ذنبته - أصبت ذنبه، ويستعمل في كل فعل تستوخم عقباه اعتبارًا بذنب الشيء، ولهذا يسمى الذنب تبعة اعتبارًا لما يحصل من عاقبته، اهـ.

  • فالذنب قد يكون قولًا وقد يكون عملًا بدنيًّا أو نفسيًّا، وقد يكون أمرًا سلبيًّا كترك ما ينبغي، والتقصير فيما يضر التقصير فيه في المعاش أو المعاد، وهو أعم من المعصية فإنها خاصة بمخالفة ما أمر الله تعالى به أو نهى عنه، وترى جميع الناطقين بالعربية يستعملون الذنب في هذا المعنى العام، فيقول أحدهم لمن أساء إليه أو قصر في شيء من حقوقه العرفية كحقوق القرابة والصداقة: إنني مذنب أو معترف بذنبي فلا تؤاخذني.

  • والأنبياء عليهم السلام معصومون من عصيان الله تعالى فيما شرعه لهم من أمر ونهي، وليسوا معصومين من كل عمل أو ترك قد تكون له عاقبة غير حسنة إذا لم يعلموا ذلك، بل هذا من الاجتهاد الذي يجوز عليهم فيه الخطأ بمقتضى الطبيعة البشرية، وإنما قال العلماء: إن الله تعالى يبين لهم هذا النوع من الخطأ إذا وقع ولا يقرهم عليه.

  • ويؤيد هذا، ما ورد في الكتاب العزيز من معاتبة الله تعالى خاتم رسله على أمثال هذه الذنوب وأمره بالاستغفار منها كقوله تعالى في سورة النساء: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا[١٠٥] وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا[١٠٦] وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا[١٠٧]﴾ [النساء: 105 - 107][2] الآيات - وسببها قضية أراد بعض المنافقين فيها أن يخدعوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليحكم على يهودي بريء بالسرقة انتصارًا لبعض المسلمين، وكاد صلى الله عليه وسلم يصدقهم ويحكم على اليهودي، وكان هذا هو الظاهر من الدعوى ومال قلبه صلى الله عليه وسلم إليه؛ لأن المسلمين كان يغلب عليهم الصدق، واليهود بالعكس، وكان المنافقون أكذب الكاذبين، فنزلت الآيات مبينة له الحق في القضية.

  • ومنها إذنه صلى الله عليه وسلم لبعض المنافقين في التخلف عن الخروج معه إلى غزوة تبوك حين استأذنوا في ذلك وكان وجه اجتهاده صلى الله عليه وآله وسلم صحيحًا من وجه أيده القرآن بعد ذلك بقوله: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا﴾ [التوبة: 47] الآية، ولكن كانت المصلحة الراجحة أو أرجح المصلحتين أن لا يأذن لهم، فعاتبه الله تعالى وبيَّنَ له ذلك بقوله: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَالْكَاذِبِينَ[٤٣]﴾ [التوبة: 43]، 

  • ومثل ذلك اجتهاده صلى الله عليه وسلم في فداء أسرى بدر الموافق لاجتهاد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان العتاب عليه أشد وهو قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأنفال: 67] إلى قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[٦٨]﴾ [الأنفال: 68].

  • وهذا الوجه لا ينافي حكمة اقتداء الأمة به صلى الله عليه وسلم، وأن لا يدعي أحد مهما تكن درجته في المعرفة والصلاح أنه لا ذنب له يستغفر الله منه -ولا قول من خرج المسألة على قولهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين.

  • فإن ما عدّ من ذنوب النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا اجتهادًا في إقامة الدين بحسب ما وصل إليه علمه وعلم الله تعالى فوق كل علوم خلقه.

  • فهو في نفسه حسنة له عليها أجر الاجتهاد، وباعتبار آخر ذنب لا معصية، وحسبنا هذا هنا فقد تكرر بسط المسألة في المنار[3]

اسئلة متعلقة

...